زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
اختار أعضاء مجمع البحوث الإسلامية والمجمع الفقهي في أمريكا واتحاد الأزهريين بفرنسا فتوى الشيخ فرحات السعيد المنجي من كبار علماء الأزهر الشريف والتي أكد فيها تحريم زواج المسلم من الإسرائيلية أفضل فتوى لعام 2007 وذلك لسلامتها من الناحية الفقهية ، كما جاء في حيثيات الإختيار أن أدلة الفتوى صحيحة ومن الكتاب والسنة وأيضا لوطنيتها فهي تراعي أحوال المصريين في الداخل والخارج وتحافظ على شعور المسلمين وأنسابهم ، ومن الناحية السياسية فإنها توقف سيل الجاسوسية واختلاط أنساب المصريين بالصهاينة ، كما أشاد بها الدكتور يوسف القرضاوي في موقعه على شبكة الأنترنيت
وكان الشيخ فرحات المنجي قد أصدر فتوى تحريم الزواج من إسرائيليات على الرغم من سماح الشريعة الإسلامية بزواج المسلمين من كتابيات ، واستند المنجي في فتواه هذه إلى رأي جمهور الفقهاء الذين اشترطوا لزواج المسلم من كتابية الاّ تكون من المحاربات للمسلمين وهو ما يتفق مع صحيح الفتوى باعتبار دولة إسرائيل كلها تقوم على الحرب وكل فرد فيها مهما كان عمره عليه أن يقضي وقتا من السنة في خدمة الجيش الإسرائيلي إضافة إلى أن التدريب العسكري ملزم لكل أفراد إسرائيل وإن التعبئة النفسية ضد المسلمين ضرورة تقتضيها الشريعة اليهودية حسب تصريحات قادتهم ، كما استند الشيخ المنجي في فتواه إلى تحريم عبدالله بن عباس رضي الله عنه الزواج بالمرأة المحاربة التي تنتمي إلى دولة في حالة حرب مع دولة مسلمة وهذا ما ينطبق على الإسرائيليات ، وهن يرضين بما يفعله قومهن بالمسلمين ومع كل ذلك فإن العصابة الصهيونية تستولى على بيت المقدس . ويقول الشيخ فرحات المنجي في فتواه إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد من المسلمين بالزواج من اليهوديات وإن زواجه صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين صفية كان بعد إسلامها وهي قد رأته في منامها قبل أن تقع في أسر المسلمين . وعموما فإن هذه الفتوى جاءت وقد ازدهرت سوق الفتاوى في الأمة حتى اختلط الحابل بالنابل
وقضية زواج المصريين بالإسرائيليات سبق وأن طرحت كثيرا للنقاش ولا يعلم حتى الآن بالضبط عدد الذين تزوجوا
حيث أن الأرقام تختلف في ذلك وتتباين ، لكن القضية عادت الآن لتحتل واجهة الجدل في الأوساط الدينية والسياسية والثقافية بعد أن قام ثلاثة من أعضاء مجلس الشعب المصري بتقديم مشروع قانون يقضي باعتبار زواج المصري بإسرائيلية زواجا فاسدا مع إعطاء من تزوج بإسرائيلية فرصة زمنية قدرها ستة أشهر وتخييره خلالها إما أن يطلقها أو تنتزع منه الجنسية المصرية . وتقول جريدة الموجز المصرية عدد الثلاثاء 11/12/2007 إن هذا القانون أثار جدلا واسعا واختلفت الآراء حوله بين مؤيد ومعارض إلا أن الغالبية أجمعت على أهمية صدوره مؤكدة خطورة الظاهرة على الأمن القومي المصري استنادا إلى إحصائية إسرائيلية تشير إلى أن 22 ألف مصري يعملون في إسرائيل وأن 13% منهم أي 3 آلاف يعملون في الجيش الإسرائيلي وما يقرب من 7500 شخص متزوجون بإسرائيليات ، ووفقا للقانون الإسرائيلي فإن أبناء مثل هذه الزيجات يحصلون على الجنسية الإسرائيلية . ويقول جمال زهران أحد النواب الثلاثة الذين تقدموا بمشروع القانون إن الكيان الصهيوني يحاول اختراق الجبهة المصرية منذ معاهدة كامب ديفيد وحتى الآن ، إلا أنهم سجلوا فشلا ذريعا لأن المصريين يرفضون التعامل معهم رغم محاولات التطبيع المستمرة ومن ثم فلم يجد اليهود أمامهم بديلا عن استخدام سلاح النساء ، وحذر زهران من مغبة استمرار شبابنا في الجري وراء إسرائيليات من أجل المال أو فرصة عمل لأنه في النهاية لا يتعامل مع فتاة بقدر ما يتعامل مع جيش الإحتلال الإسرائيلي
هناك دراسة هامة أعدها الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية حول هذا الموضوع وهي متوفرة في شبكة المعلومات يقول فيها إن هناك ثلاثة حقائق معقدة حول هذا الملف الأولى وربما البديهية هي أنه لا أمان ولا خير يرجى من أية تعاملات مع العدو الصهيوني سواء كان هذا التعامل اقتصاديا أو سياسيا أو إنسانيا ومن ثم هذا الزواج من الإسرائيليات لا خير فيه لا بالمعنى الفردي ولا بالمعنى الجماعي المتصل بالأمة ومصالحها ، وثاني الحقائق أن هذا النوع من الزيجات بولغ في حجمه إلى درجة أفقدت من تناوله مصداقيته ولكنه مع ذلك خطر ويحتاج إلى تأمل ودقة في الرصد والتحليل والإستشراف المستقبلي ، وثالث الحقائق أن مستقبل مصر وأمنها القومي في خطر حقيقي من هذه الظاهرة ومن تناميها ولا ينبغي التقليل من أبعاده الإستراتيجية المدمرة . ويقول الدكتور رفعت سيد أحمد لا بد من تصحيح المفاهيم فالزواج الذي يتم بين الشباب المصري وإسرائيليات لم يكن في أغلبه مع يهوديات كما قد يظن من الأخبار المنشورة بل مع فتيات من عرب 1948 يحملن الجنسية الإسرائلية بحكم الإحتلال والإقامة ومن ثم إطلاق الصفة عليهم بالإسرائيليات قد يؤدي إلى لبس في الفهم وسوء الظن وإن كان لا ينفي الخطورة القادمة مع هذا الزواج ، ومن الخطأ والخلل الجسيم وصم هذه الكتلة كلها بأنها كتلة إسرائيلية تسبح في الأهداف والمصالح الإسرائيلية ومن الخطأ أيضا اعتبار أي تعامل أو تفاعل معها عبر الوسائل المختلفة والتي منها الزواج زواجا خطرا ومكروها لأنه زواج بإسرائيليات ، ولكن كما يرى الدكتور رفعت في دراسته الهامة تلك لا ينبغي بالمقابل تجاهل ما يحمله التعامل غير المحسوب والمبني على العاطفة وحدها مع عرب 48 دون إدراك وتقصي دقيق لحجم التغيرات والمؤثرات الإسرائيلية التي مورست عليهم وجذبتهم إلى دائرة المصالح والأهداف الإسرائيلية إلى الحد الذي وجدنا أنفسنا أمام جواسيس من عرب 48 حيث هناك 6 قضايا كشفتها المخابرات المصرية خلال الأعوام العشرة الماضية فقط كان أبطالها من عرب 1948 . ويرى الدكتور رفعت أن الشباب العربي والمصري خاصة الذي دفعته ظروفه الإقتصادية وقلة وعيه السياسي للعمل داخل الكيان الصهيوني ظل وسيظل مجالا خصبا للإختراق الإسرائيلي الأخلاقي والسياسي لتدميره من داخله ولاختراق مجتمعه الذي لا يزال يقاوم التطبيع ، والزواج بإسرائيلية يهودية هو قمة الإختراق وأعلى مراحل التطبيع . ولكن إذا كان هذا الزواج يشكل خطرا على الأمن القومي المصري والعربي فالسؤال هو لماذا أصلا يهاجر هؤلاء الشباب إلى إسرائيل ؟ ولماذا تسمح مصر أو الأردن أو أي دولة عربية للشباب بالهجرة إلى إسرائيل ؟ يرد على هذا السؤال الدكتور رفعت سيد أحمد بأن السفر إلى الكيان الصهيوني نابع بالأساس من الحاجة الإقتصادية وهي حاجة لشدة وطأتها قادرة على إلغاء الذاكرة والتاريخ والوعي لدى بعض الناس من البسطاء الذين يمثلون ملح الأرض في ريف مصر ومدنها وفي الريف العربي ومدنه أيضا ( وهنا أذكر قصة حكاها لي أحد المواطنين العرب هي أن أحد الأفراد أصيب ابنه بمرض شديد وحاول علاجه وفشل وحاول كثيرا مع حكومته لكنه فشل وأمام حالة ابنه وضيق ذات اليد لجأ إلى المكتب الإسرائيلي ليتولوا علاج ابنه ، فإذا هو يحاسب من دولته على ذلك ) وأمام قصة مثل هذه والوضع المعيشي الصعب للمواطنين العرب رغم الدخول الكبيرة من عوائد النفط والغازوالزراعة وغيرها ، اتجه هؤلاء الشباب إلى العمل لدى أعداء الأمس والذين صاروا بفضل سياسة غسيل الأدمغة التي يمارسها الإعلام ، اتجهوا ليعملوا وليخطأوا ثم يتزوجوا ولا بأس بعد ذلك أن يتجسسوا ! يختم الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية دراسته بأن يلتف الإنتباه إلى أن هذا الشباب قد تم غسيل مخه أولا في مصر تحت دعوى السلام وأن حرب أكتوبر آخر الحروب وأن التطبيع فعل إيجابي وشرعي فكان طبيعيا أن يقع فريسة لهذه الأوهام فذهب يطبقها عمليا ولما عاد وهو يحمل معه ثمرة هذا السلام ، الزواج بإسرائيلية فوجيء بمن يقرعه بل ويهدده بالسجن ، لأن الفعلة تهدد الأمن القومي للبلاد ؟! ويرى الباحث أن الحل يكمن في اقتلاع الشجرة السامة من الأصل وعلينا تغيير السياسة التصالحية مع هذا العدو واستبدالها بسياسة المقاومة وعلينا بتغيير الخطاب الإعلامي المتهافت الذي يلح على السلام رغم عناقيد الشهداء التي تتوالى فوق أرض فلسطين كل صباح وكل مساء ، وعلينا تغيير اقتصادنا وتحويله إلى إقتصاد تنمية للفقراء بالأساس وليس للسماسرة ونهابي أموال الشعوب ومستثمري النفط في صناعات الغرب ورفاهيته . وقد فات الدكتور رفعت رغم قيمة بحثه أن يذكر نقظة واحدة ، أليس من واجبنا أن نستغل هؤلاء الشباب ليكونوا هم جواسيس لنا ؟
منقول من جريدة الشبيبة العمانية
No comments:
Post a Comment