زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
1
شاركت وزارة الإعلام العمانية بفاعلية في الدورة الأولى لندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام والتي عقدت في بكين من 23 إلى 26 من أبريل الماضي ، بهدف دفع التعاون الإعلامي وتعزيز الصداقة الصينية العربية . وقد كانت الندوة فرصة مهمة للجانبين العربي والصيني لإرساء مبدأ التعاون بينهما ، وفرصة أخرى لكوكبة طيبة من الإعلاميين العرب في أن يتعرفوا على بعضهم البعض في مؤتمر قلما يحدث في الوطن العربي . وجاء انعقاد الندوة تتويجا لجهود كبيرة بذلتها لجنة الإعلام في مجلس الدولة الصيني وجامعة الدول العربية ، وتجلت تلك الجهود في ذلك التنظيم والنجاح الذي لقيته الندوة وما توجته من توقيع اتفاقية للتعاون الإعلامي بين العرب والصينيين . وقد ركز الجانب الصيني في جلسات الندوة على أهمية التعاون المباشر بين وسائل الإعلام العربية والصينية بدلا من الاعتماد على مصدر ثالث غالبا ما يكون مصدرا غربيا في نقل أخبار قد تكون مشوشة ، وهو ما حصل مثلا في قضية التبت ودعم الصين لقضية دارفور وقضية حقوق الإنسان في الصين ، وكذلك بالنسبة للقضايا العربية العادلة كقضية فلسطين مثلا أو الوضع في العراق أو اتهام العرب والمسلمين بالإرهاب ، أما الجانب العربي فقد ركز على أهمية الاستفادة من التكنولوجيا الصينية في مجال الإعلام بما يفتح مجالات جديدة للتعاون الثنائي ويوسع إمكانية التدفق المتبادل والمباشر للاخبار والمعلومات عن إنجازات الجانبين ، وكما هو معلوم فإن التدفق المباشر للاخبار هو أمر مهم جدا لأنه يساعد الرأي العام العربي والصيني على معرفة ما يحدث لدى الطرف الآخر ويسد ثغرة خطيرة كانت موجودة حتى الآن ، وهي الاعتماد على جهة ثالثة في الحصول على الاخبار العربية والصينية . وقد أظهر الاعتماد على طرف ثالث في نقل الاخبار العربية والصينية ممارسات خطيرة ، ذلك بأن الجهة الثالثة التي تتولى نقل أخبار العرب والصينيين لم تكن في أحيان كثيرة صديقة للعرب أو الصينيين ، وقد تمت تسمية بعض الوسائل الغربية التي نقلت أخبارا مغرضة سواء عن الصين أو العرب كشبكة السي إن إن مثلا ، ولم تكن الأخبار التي ضختها آلتها الإعلامية تتسم بالدقة والموضوعية والنزاهة وهذا أوجد تصورات خاطئة لدى بعض الفئات في الرأي العام العربي والصيني حول ما يجري في الصين والبلدان العربية الأخرى ولذا وجب العمل على تفادي الاعتماد على الطرف الثالث في نقل الأخبار بين الجانبين ، بوضع آلية للعمل المشترك والتبادل المباشر بين الجانبين . وقد طرحت فكرة في هذا المجال كتأسيس مركز إعلامي عربي صيني مشترك يعنى بتزويد أجهزة الإعلام بالأخبار والمواد الإعلامية حول التعاون العربي الصيني والأحوال في الدول العربية والصين وقد أعجبتني مداخلة عميد الدبلوماسيين العرب في بكين سعادة السفير السوري عندما واجه الصينيين بأنهم وقعوا في خطأ عندما استضافوا خبيرا إسرائيليا متخصصا في الإرهاب وتناول العرب في معرض حديثه عن الأولمبياد كأنهم إرهابيون كما انتقد السفيرعرض فيلم ميونخ في التليفزيون الصيني بما يعطي الانطباع السيئ لدى المشاهدين الصينيين حول العرب ، كما أن موعد عرض الفيلم لم يكن موفقا إذ أن الصين تستعد لاستقبال دورة الألعاب الأولمبية في 8/8/2008
2
الحديث عن الصين يطيب ويطول ، لأن ما شاهدناه في بكين يفوق كل وصف ، إذ أنني ذهبت إلى الصين وفي ذهني صورة معينة وإذا بي أجد نفسي أمام دولة عظمى رغم تواضع الصينيين وإصرارهم على أنهم دولة نامية ، وسأترك الكلام عن الصين إلى مقالات أخرى بإذن الله إن كان في العمر بقية وعزيمة ، ولكن ما أود أن أشير إليه في هذه المقالة ، هو تلك الإشادات التي سمعتها من الصينيين والإعلاميين العرب حول السلطنة حيث قال لي أحد موظفي الأمانة العامة بجامعة الدول العربية إن وزارة الإعلام العمانية كانت السباقة في الرد والتفاعل مع مخاطبات الجامعة حول المشاركة في الندوة عكس الآخرين ، وهو شيء أسعدنا جميعا ، أما الصينيون فإنهم يحملون عن السلطنة كل التقدير والاحترام نظرا للاستقبال الحافل الذي قوبلت به الشعلة الأولمبية في مسقط ، وهو موضوع له أهميته بالنسبة لهم فلا يكاد كل من تحدثنا معه إلا ويفتح لنا هذا الموضوع . وقد أتيحت لنا فرصة الالتقاء ببعض طلبة الجامعات والدراسات العربية العليا ، فأثنوا على تدشين كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية بجامعة بكين وبأن إنشاء هذا الكرسي من قبل جلالته يرمز إلى بعد نظره واهتمامه البالغ بالعلوم والثقافة خصوصا في مجال دراسات اللغة العربية وآدابها وحرصه على دعم هذا الإرث الحضاري .
3
على مدى أسبوع كانت هناك أيام عربية جميلة في الصين ، حيث التقت كوكبة طيبة من الإعلاميين العرب مع نظرائهم الصينيين بهدف إرساء أرضية متينة للتفاهم والتبادل الإعلامي بين الجانبين ، وما لاحظناه هو أن الصينيين مستعدون للتعاون ومستعدون لتقديم كل عون ومساعدة قد تحتاجها الدول العربية ، فيجب أن تأخذ علاقات التعاون بين الطرفين طريقها إلى التنفيذ ، لأن مجرد تبادل الكلمات والنيات الطيبة لا يكفي للعمل والصينيون أمة تؤمن بالعمل وتقدسه .
منقولة من
No comments:
Post a Comment