زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
1
يبدو أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز مهموم الآن بقضايا العرب والمسلمين أكثر من أية قضية أخرى ، فلا بأس لديه أن تتم محاصرة غزة وتتم إبادة أكثر من مليون ونصف مليون شخص في القطاع ، لأن ما يشغله الآن هو تخليص السّنة العرب من " خطر إيران والإمبريالية الشيعية المتطرفة " ، حيث ظهر ذلك جليا في تصريحاته خلال لقائه اتحاد الجاليات اليهودية في أمريكا الشمالية في القدس ونشرتها صحيفة " هآرتس " الإسرائيلية في 18/11/2008 عندما قال : إن من أسباب رغبة إسرائيل بتوقيع سلام مع الفلسطينيين هو إعلام السنة في الشرق الأوسط أنهم ليسوا مضطرين للخضوع لإيران وللأقلية الشيعية المتطرفة فيها – حسب قوله – متهما إياها بالسعي إلى حكم الشرق الأوسط باسم الدين من خلال طموحاتها الإمبريالية
بل إن الرئيس الإسرائيلي تجاوز الحدود عندما قال عن إيران ( هم يريدون السيطرة على الشرق الأوسط باسم الدين – دينهم هم ، حيث يبلغ عدد الفرس في إيران 35 مليون نسمة من مجموع 70 مليون إيراني ، أي أن نصفهم فرس والنصف الثاني أقليات ، والفرس هم من يصنعون آيات الله والمتطرفين وهم يريدون السيطرة على 350 مليون نسمة في الشرق الأوسط ، 90% منهم من السنة ) وتابع بيريز ( إن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك طموحات إمبريالية وهي تريد حكم الشرق الأوسط ) ولم يكتف بيريز بهذه البيانات المدروسة بعناية والتي جاءت بعد مؤتمر حوار الأديان في نيويورك بل قال كلاما يحتاج إلى وقفة عندما قال ( إن الغالبية السنية تراقب عن كثب ما تفعله إسرائيل ليروا ما إذا كانت قادرة على عقد اتفاق نهائي مع الفلسطينيين على أسس مقبولة ) وهو ما يعني ضمنا أن هذه الغالبية التي تراقب سياسة إسرائيل تنتظر ذلك الاتفاق لتفوّض إسرائيل القيام بتخليص العرب من خطر إيران والإمبريالية الشيعية المتطرفة هذا حسب زعمه طبعا
بل إن الرئيس الإسرائيلي تجاوز الحدود عندما قال عن إيران ( هم يريدون السيطرة على الشرق الأوسط باسم الدين – دينهم هم ، حيث يبلغ عدد الفرس في إيران 35 مليون نسمة من مجموع 70 مليون إيراني ، أي أن نصفهم فرس والنصف الثاني أقليات ، والفرس هم من يصنعون آيات الله والمتطرفين وهم يريدون السيطرة على 350 مليون نسمة في الشرق الأوسط ، 90% منهم من السنة ) وتابع بيريز ( إن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك طموحات إمبريالية وهي تريد حكم الشرق الأوسط ) ولم يكتف بيريز بهذه البيانات المدروسة بعناية والتي جاءت بعد مؤتمر حوار الأديان في نيويورك بل قال كلاما يحتاج إلى وقفة عندما قال ( إن الغالبية السنية تراقب عن كثب ما تفعله إسرائيل ليروا ما إذا كانت قادرة على عقد اتفاق نهائي مع الفلسطينيين على أسس مقبولة ) وهو ما يعني ضمنا أن هذه الغالبية التي تراقب سياسة إسرائيل تنتظر ذلك الاتفاق لتفوّض إسرائيل القيام بتخليص العرب من خطر إيران والإمبريالية الشيعية المتطرفة هذا حسب زعمه طبعا
2
من المؤسف جدا أن تكون لدى إسرائيل شفافية تامة لتعلن خططها على الملأ وهي خطط مدروسة بعناية ، في وقت نجد فيه بعض العرب يؤمنون بأن التوجهات الإسرائيلية هي الصائبة وأن إيران هي العدو بدلا من إسرائيل ، لا لشيء أبدا إنما لمواريث قديمة ترفض أن تغادر العقول والذهون بأن الشيعة هم العدو ، ولا أدري كيف للمرء أن ينسى ما فعلته إسرائيل في العرب والمسلمين على مدى أكثر من 60 عاما ، بل كيف يتسنى للمرء أن ينسى أن وجود إسرائيل في الأصل هو الخطأ وهو الخطر ؟!
عندما تصل الأمور بأن يتحدث شيمون بيريز وهو صاحب فكرة ( الشرق الأوسط الكبير) علنا عن هذا التوجه فإن هذا يدل على أن وراء الأكمه ما وراءها وأن الطبخة جاهزة منذ فترة طويلة وهي تنتظر التنفيذ فقط ، وهذا يدل من ناحية أخرى على هشاشة الوضع العربي بل والإسلامي عندما يتدخل عدوها الأساسي للتحدث عن المسلمين وعن انقساماتهم المذهبية وما ينبغي أن يكون عليه الوضع ، وهذا يدل من ناحية ثالثة على أن مؤتمر نيويورك للأديان قد أعطى الضوء الأخضر لمحاربة إيران ، وما يؤسف له أيضا أن هناك كثيرين ربما انخدعوا من كلام شيمون بيريز وهو يتحدث عن فشل الحروب وعن أهمية السلام في منطقة الشرق الأوسط في كتابه ( الشرق الأوسط الجديد ) ، لأنه كثيرا ما كان يدس السم في العسل ولم يستطع أن يخفي في ذلك الكتاب الإستراتيجية التوسعية التي التزم بها قادة إسرائيل والحركة الصهيونية بضرورة استمرار الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة وإن اختلفت الوسيلة من دبابة إلى صناعة متقنة الإنتاج ، أو تحولت الوسيلة إلى شن دعاية إعلامية قوية بأن إيران هي العدو الآن وليس إسرائيل
لقد حذر بيريز في كتابه ذلك من إيران ، وما قاله في تصريحاته الشهر الماضي ليس إلا صدى لما قاله في مستهل التسعينيات من القرن الماضي ، فهو يرى أن على البلدان في أي منطقة التعاون لمواجهة الخطر النووي والبيولوجي والكيميائي وأن مفتاح الحفاظ على نظام إقليمي آمن وعادل يكمن في النواحي السياسية والاقتصادية أكثر منه في امتلاك القوة العسكرية ، وفي عالمنا اليوم – كما يرى بيريز - فإن تأمين مستوى معيشي عال يتطلب علاقات تجارية تنافسية وحدودا مفتوحة واعتمادا على العلوم والتكنولوجيا وأن القوة الحقيقية لم تعد في المعسكرات بل في حرم الجامعة وأصبح يترتب على السياسات أن تمهد الطريق بعيدا عن الإستراتيجية العسكرية إلى الذخيرة السياسية والاقتصادية المخصبة
وإذا كان ما رآه شيمون بيريز قد يكون رأيا وجيها لأن توفير الحياة الكريمة للمواطن في المأكل والملبس والصحة والتعليم هو الأساس في حياة الإنسان فإنه لا يذكر الترسانة النووية الإسرائيلية أبدا ويتناول الأمر وكأن الأمة العربية مليئة بالترسانات النووية للقضاء على الكيان الصهيوني ، ولا يذكر أبدا أن إسرائيل هي السبب في توجيه ميزانيات الدول العربية المحورية للاهتمام بمسائل الدفاع
يرى شيمون بيريز أن الصراع في المنطقة امتد وأدى إلى حالة البؤس للملايين حتى وجد الكثيرون متنفسا لهم في " الغيبيات والعوالم الأخرى " رافضين الدولة العصرية ومغرقين أنفسهم في الأصولية الدينية وهي من أبرز العوامل التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وتجذب اهتمام العالم خاصة وأن أكثر من مليار مسلم ينظرون إلى الشرق الأوسط كمصدر للحياة وأساس للإيمان ، وأننا أصبحنا الآن – والرأي له - نشهد حركة إسلامية تسعى إلى مناهضة الفتح والثقافة الغربية وتعمل على التراجع عن التحديث والعصرنة وتدعو إلى استخدام القوة لإقامة جمهورية إسلامية سلطوية قمعية على النمط الإيراني
عندما تصل الأمور بأن يتحدث شيمون بيريز وهو صاحب فكرة ( الشرق الأوسط الكبير) علنا عن هذا التوجه فإن هذا يدل على أن وراء الأكمه ما وراءها وأن الطبخة جاهزة منذ فترة طويلة وهي تنتظر التنفيذ فقط ، وهذا يدل من ناحية أخرى على هشاشة الوضع العربي بل والإسلامي عندما يتدخل عدوها الأساسي للتحدث عن المسلمين وعن انقساماتهم المذهبية وما ينبغي أن يكون عليه الوضع ، وهذا يدل من ناحية ثالثة على أن مؤتمر نيويورك للأديان قد أعطى الضوء الأخضر لمحاربة إيران ، وما يؤسف له أيضا أن هناك كثيرين ربما انخدعوا من كلام شيمون بيريز وهو يتحدث عن فشل الحروب وعن أهمية السلام في منطقة الشرق الأوسط في كتابه ( الشرق الأوسط الجديد ) ، لأنه كثيرا ما كان يدس السم في العسل ولم يستطع أن يخفي في ذلك الكتاب الإستراتيجية التوسعية التي التزم بها قادة إسرائيل والحركة الصهيونية بضرورة استمرار الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة وإن اختلفت الوسيلة من دبابة إلى صناعة متقنة الإنتاج ، أو تحولت الوسيلة إلى شن دعاية إعلامية قوية بأن إيران هي العدو الآن وليس إسرائيل
لقد حذر بيريز في كتابه ذلك من إيران ، وما قاله في تصريحاته الشهر الماضي ليس إلا صدى لما قاله في مستهل التسعينيات من القرن الماضي ، فهو يرى أن على البلدان في أي منطقة التعاون لمواجهة الخطر النووي والبيولوجي والكيميائي وأن مفتاح الحفاظ على نظام إقليمي آمن وعادل يكمن في النواحي السياسية والاقتصادية أكثر منه في امتلاك القوة العسكرية ، وفي عالمنا اليوم – كما يرى بيريز - فإن تأمين مستوى معيشي عال يتطلب علاقات تجارية تنافسية وحدودا مفتوحة واعتمادا على العلوم والتكنولوجيا وأن القوة الحقيقية لم تعد في المعسكرات بل في حرم الجامعة وأصبح يترتب على السياسات أن تمهد الطريق بعيدا عن الإستراتيجية العسكرية إلى الذخيرة السياسية والاقتصادية المخصبة
وإذا كان ما رآه شيمون بيريز قد يكون رأيا وجيها لأن توفير الحياة الكريمة للمواطن في المأكل والملبس والصحة والتعليم هو الأساس في حياة الإنسان فإنه لا يذكر الترسانة النووية الإسرائيلية أبدا ويتناول الأمر وكأن الأمة العربية مليئة بالترسانات النووية للقضاء على الكيان الصهيوني ، ولا يذكر أبدا أن إسرائيل هي السبب في توجيه ميزانيات الدول العربية المحورية للاهتمام بمسائل الدفاع
يرى شيمون بيريز أن الصراع في المنطقة امتد وأدى إلى حالة البؤس للملايين حتى وجد الكثيرون متنفسا لهم في " الغيبيات والعوالم الأخرى " رافضين الدولة العصرية ومغرقين أنفسهم في الأصولية الدينية وهي من أبرز العوامل التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وتجذب اهتمام العالم خاصة وأن أكثر من مليار مسلم ينظرون إلى الشرق الأوسط كمصدر للحياة وأساس للإيمان ، وأننا أصبحنا الآن – والرأي له - نشهد حركة إسلامية تسعى إلى مناهضة الفتح والثقافة الغربية وتعمل على التراجع عن التحديث والعصرنة وتدعو إلى استخدام القوة لإقامة جمهورية إسلامية سلطوية قمعية على النمط الإيراني
ويقول بيريز إن التهديد الأصولي ازداد خطورة في الفترة الأخيرة بامتلاك إيران القدرة النووية ، والسؤال الذي طرحه هو هل يمكن للمتطرفين الذين يعتقدون بأنهم يحملون مفاتيح السماء أن يتصرفوا بتعقل إذا ما امتلكوا السلاح النووي ؟؟!
قد يجد هذا الكلام صدى طيبا في نفوس من يعتقد أن إيران هي العدو بدلا من إسرائيل ولكن ماذا لو كانت السعودية أو مصر أو الجزائر أو سوريا هي المقصودة بهذا الكلام ؟ وهذا شيء متوقع جدا فهل كان كلام بيريز سيتغير ؟ إن كلامه كان سيتغير في التسمية فقط فبدلا من أن يقول الشيعة في إيران كان سيقول الوهابية في السعودية أو الإخوان المسلمون في مصر أو الجماعات الإسلامية في الجزائر أو العلويون في سوريا ، وهكذا
قد يجد هذا الكلام صدى طيبا في نفوس من يعتقد أن إيران هي العدو بدلا من إسرائيل ولكن ماذا لو كانت السعودية أو مصر أو الجزائر أو سوريا هي المقصودة بهذا الكلام ؟ وهذا شيء متوقع جدا فهل كان كلام بيريز سيتغير ؟ إن كلامه كان سيتغير في التسمية فقط فبدلا من أن يقول الشيعة في إيران كان سيقول الوهابية في السعودية أو الإخوان المسلمون في مصر أو الجماعات الإسلامية في الجزائر أو العلويون في سوريا ، وهكذا
3
من الخطأ الكبير بل والجسيم أن نغير قناعاتنا بأن إيران هي العدو لأن هذا مخطط كبير وتم الإعداد له منذ فترة طويلة ، ومن الخطأ الكبير بل والجسيم بأن نسلم القيادة لإسرائيل بأن تتدخل وتعلّم العرب من هو العدو بينما هي العدو ، ومن الخطأ الكبير بل والجسيم أن تترك الأمة القضايا الأساسية وتهتم بالتوافه وتنشغل بفتنة المذاهب وتنقسم الأمة بين السنة والشيعة والإباضية والزيدية والصوفية على حساب مستقبلها ومستقبل أجيالها لأن تجربة العراق قابلة للتكرار ، لا لأن الإسلام هش أو وجود المذاهب المختلفة خطأ ، بل لأن العقول أصبحت هشة لا تهتم إلا بالتمسك بقشور المذهبيات وكل فريق يرى نفسه هو الأصح وأنه وارث الجنة وأن الآخرين في النار ، وأصبحنا لا نرى أو نقرأ سوى أطروحات الإقصاء والتكفير والتبديع التي تراكمت لتحارب التعددية الإسلامية التي نمت وتطورت من عشرات القرون ، مما عكر أسس التعايش السلمي بين أبناء الدين الواحد والملة الواحدة ، والكل يشهد شهادة الحق وهي أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، بل وصل الأمر إلى تعكير أسس التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد بوجود نعرات مذهبية ضيقة تحاول أن تثير الفتن ، وليس أدل على ذلك مما حصل من فتنة في قضية رؤية الهلال وهي فتنة مصطنعة في وطن آمن ومسالم ، فيما نجد في الواقع أن الفقه والعلم لا ينفيان الاختلاف في المطالع والرؤية سواء في شهر رمضان أو ذي الحجة وذلك في كل المذاهب الإسلامية حتى التي اعتمد عليها البعض في حجة الاختلاف ، هذا في وقت نرى فيه أن الإسلام تقبل الآخر مهما كانت ديانته بل كفل له حرية أداء شعائره
إن ما نراه الآن من الانقسام المذهبي البغيض هو نذير شؤم وينذر بشر عظيم إذا لم يتدخل العلماء الربانيون المخلصون لوضع حد لهذه المسألة وإذا لم يكن للدولة هيبتها ، لأن الأمة تعيش الآن أزمة كثرة المفتيين فكل من حفظ كلمتين من كتب الأئمة السابقين يتجرأ ويفتي وأصبحنا نشاهد ظاهرة الصنعة التلفزيونية وهي أكثر من كونها تعبرعن عمق فكري أو ديني حقيقي مما يدل على الوضع المقلوب الذي يعاني منه المجتمع الإسلامي الآن بغياب أو تهميش العلماء الحقيقيين ، لأن السيطرة أصبحت للدعاة الجدد حتى وإن كانوا سطحيين وبضاعتهم في العلم ضعيفة
ومن المثير للدهشة والاستغراب ومما يدل على هشاشة فكر عوام المسلمين الآن ما حصل أثناء القصف الأمريكي على أفغانستان وعلى تورا بورا بالذات ، حيث انبرى العديد من المسلمين في الصحف العربية وفي منتديات الحوار يؤيدون ذلك القصف ، لأن من يتم قصفهم يخالفونهم في المذهب ، ثم دارت الدوائر فإذا حزب الله اللبناني يدافع عن شرف الأمة ببسالة ، فإذا طائفة أخرى من المسلمين تشمت وتقف مع إسرائيل ضد حزب الله بحجة أن حزب الله شيعي ، لدرجة أن يصل الأمر بأحدهم بأن يصدر فتوى تحرّم الدعاء لحزب الله بالنصر والتمكين لأن حزب الله شيعي أو رافضي – حسب الفتوى – وكأن هذا الشيخ يملك خزائن رحمة الله وهو الذي يقرر من يدخل الجنة ومن يدخل النار ! وفي كل الأحوال فإن القتلى سواء في أفغانستان أو في لبنان أو فلسطين أو العراق أو الصومال من المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، وأن الدور قادم على الكل لا محالة طالما أن المسلمين بهذه الهشاشة من التفكير والتباغض باسم المذاهب وطالما أن الحكومات العربية لا تعي ما يجري في الخفاء ، ومطلوب الآن من الكل أن يعي جيدا معنى العبارة التي تقول ( إن معظم النار من مستصغر الشرر )
إن ما نراه الآن من الانقسام المذهبي البغيض هو نذير شؤم وينذر بشر عظيم إذا لم يتدخل العلماء الربانيون المخلصون لوضع حد لهذه المسألة وإذا لم يكن للدولة هيبتها ، لأن الأمة تعيش الآن أزمة كثرة المفتيين فكل من حفظ كلمتين من كتب الأئمة السابقين يتجرأ ويفتي وأصبحنا نشاهد ظاهرة الصنعة التلفزيونية وهي أكثر من كونها تعبرعن عمق فكري أو ديني حقيقي مما يدل على الوضع المقلوب الذي يعاني منه المجتمع الإسلامي الآن بغياب أو تهميش العلماء الحقيقيين ، لأن السيطرة أصبحت للدعاة الجدد حتى وإن كانوا سطحيين وبضاعتهم في العلم ضعيفة
ومن المثير للدهشة والاستغراب ومما يدل على هشاشة فكر عوام المسلمين الآن ما حصل أثناء القصف الأمريكي على أفغانستان وعلى تورا بورا بالذات ، حيث انبرى العديد من المسلمين في الصحف العربية وفي منتديات الحوار يؤيدون ذلك القصف ، لأن من يتم قصفهم يخالفونهم في المذهب ، ثم دارت الدوائر فإذا حزب الله اللبناني يدافع عن شرف الأمة ببسالة ، فإذا طائفة أخرى من المسلمين تشمت وتقف مع إسرائيل ضد حزب الله بحجة أن حزب الله شيعي ، لدرجة أن يصل الأمر بأحدهم بأن يصدر فتوى تحرّم الدعاء لحزب الله بالنصر والتمكين لأن حزب الله شيعي أو رافضي – حسب الفتوى – وكأن هذا الشيخ يملك خزائن رحمة الله وهو الذي يقرر من يدخل الجنة ومن يدخل النار ! وفي كل الأحوال فإن القتلى سواء في أفغانستان أو في لبنان أو فلسطين أو العراق أو الصومال من المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، وأن الدور قادم على الكل لا محالة طالما أن المسلمين بهذه الهشاشة من التفكير والتباغض باسم المذاهب وطالما أن الحكومات العربية لا تعي ما يجري في الخفاء ، ومطلوب الآن من الكل أن يعي جيدا معنى العبارة التي تقول ( إن معظم النار من مستصغر الشرر )
4
إن الذي يرى أن إيران هي العدو بدلا من إسرائيل لأنها تحاول أن تكوّن لنفسها قوة لماذا لا يفعل مثل ما فعلت إيران ؟ إن الذي يرى أن إيران هي العدو بدلا من إسرائيل لأن إسرائيل هي التي تروج لذلك ، ألا يعلم أن شعوب المنطقة كلها سوف تدفع ثمن أي ضربة لإيران مثلما دفعت شعوب المنطقة ثمن احتلال العراق من قوت يومه غاليا ؟!
إن نبرة إيران هي العدو لم تأت من فراغ فهي تعيدنا إلى فترة محاربة أمريكا للشيوعية والاتحاد السوفييتي أيام الحرب الباردة ، ويشارك في هذه النبرة بعض العلماء وبعض السياسيين وبعض الصحف العربية وبعض المدسوسين في منتديات الحوار العربية التي يشارك فيها أي أحد وبأسماء مستعارة
لقد قال جلالة السلطان المعظم في مقابلة مع جريدة الخليج الإماراتية في الثمانينيات كلاما ذا معنى ووجاهة إذ قال ( لا يستطيع أحد أن يزيل أحدا ، فالفرس موجودون في المنطقة من آلاف السنين والعرب موجودون من آلاف السنين وسنبقى لآلاف السنين )فكيف إذن تصبح إسرائيل هي الصديقة وقد قامت أساسا على احتلال أرض عربية وإسلامية مقدسة ولم تمض عليها سوى 60 عاما كانت عبارة عن مجازر للعرب والمسلمين ، وكيف تصبح إيران التي ترتبط معنا بعقيدة التوحيد والجوار والمصالح المشتركة هي العدو ؟ وهل كتب علينا أن نشهد كل يوم زوال دولة عربية أو إسلامية حتى نفيق من مواتنا ؟!
إن نبرة إيران هي العدو لم تأت من فراغ فهي تعيدنا إلى فترة محاربة أمريكا للشيوعية والاتحاد السوفييتي أيام الحرب الباردة ، ويشارك في هذه النبرة بعض العلماء وبعض السياسيين وبعض الصحف العربية وبعض المدسوسين في منتديات الحوار العربية التي يشارك فيها أي أحد وبأسماء مستعارة
لقد قال جلالة السلطان المعظم في مقابلة مع جريدة الخليج الإماراتية في الثمانينيات كلاما ذا معنى ووجاهة إذ قال ( لا يستطيع أحد أن يزيل أحدا ، فالفرس موجودون في المنطقة من آلاف السنين والعرب موجودون من آلاف السنين وسنبقى لآلاف السنين )فكيف إذن تصبح إسرائيل هي الصديقة وقد قامت أساسا على احتلال أرض عربية وإسلامية مقدسة ولم تمض عليها سوى 60 عاما كانت عبارة عن مجازر للعرب والمسلمين ، وكيف تصبح إيران التي ترتبط معنا بعقيدة التوحيد والجوار والمصالح المشتركة هي العدو ؟ وهل كتب علينا أن نشهد كل يوم زوال دولة عربية أو إسلامية حتى نفيق من مواتنا ؟!
No comments:
Post a Comment