كتب ـ محمد بن سالمين العلوي
المعطيات البيئية التي أنعم الله تعالى بها على السلطنة لا تعد ولا تحصى فلا تكاد ترى شبرا من البراري والجبال والشواطئ والجزر العمانية إلا وتبهرك تلك المناظر الممتدة زمنيا في كل المواسم والفصول والشاخصة في هيئة تشكيلات حيوية وفيزيائية وجيولوجية. وقد أولت حكومة السلطنة وعلى رأسها باني نهضة عمان الحديثة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ جل اهتمامها لصون هذه الأنظمة البيئية والحفاظ عليها من العبث أو الانقراض فتم إنشاء المحميات الطبيعية كنموذج أثبت نجاحه على امتداد الأعوام الماضية ولا يزال يؤتي ثماره على أفضل مستوى.وبهذا الخصوص أصدرت وزارة البيئة والشؤون المناخية مؤخرا كتابا بعنوان (المحميات الطبيعية في سلطنة عمان) تناول رصدا مفصلا للحياة البرية والبحرية في السلطنة ضمن تلك المحميات وأنواعها وتصنيفاتها كمحمية جزر الديمانيات ومحمية حديقة السليل ومحمية السلاحف ومحمية المها العربية ومحمية جبل سمحان ومحميات الأخوار بساحل ظفار.
وتمشيا مع معطيات السياحة الموسمية الصيفية التي يكثر خلالها تردد السياح على مثل هذه المواقع البحرية الجميلة خاصة من قبل هواة الطبيعة والتخييم في الهواء الطلق سنقوم بعرض هذا الكتاب من خلال عدة حلقات اعتبارا من اليوم مبتدئين بما جاء في مقدمة الكتاب ( عمان أرض غنية بتنوع الحياة الفطرية فيها وتعتبر موطنا رائعا لجميع الكائنات الحية التي تتلاءم والظروف المناخية المختلفة على مدار العام بفضل الخصائص والسمات الطبيعية والثقافية فضلا عن العمل على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العماني وللحفاظ على مفردات الحياة الفطرية في بيئاتها الطبيعية من الانقراض وللنهوض بالمحميات الطبيعية فقد صدرت التشريعات والقوانين التي تعنى بحماية الحياة الفطرية في السلطنة وكان أول تشريع في عام 1976 بموجب قرار وزاري من وزارة شؤون الديوان السلطاني (سابقا) لحماية الوعل العربي ومن ثم توالت القرارات والمراسيم السلطانية.
أن الهدف الرئيسي من إصدار هذا الكتاب هو تعريف القارئ بالمحميات الطبيعية الموجودة في السلطنة وتقديم نبذة مختصرة عن أهم الموارد الطبيعية والسياسات المعمول بها في إدارة المحميات.كما تناول الكتاب الشروط الواجب توافرها في المناطق المحمية وأنواع المحميات الطبيعية وخطط إدارتها والقوانين والتشريعات في هذا الشأن.
محمية جزر الديمانيات الطبيعية
تقع في منطقة جنوب الباطنة بولاية بركاء وتمتد حتى قبالة ساحل ولاية السيب بمحافظة مسقط وتبلغ مساحتها الكلية 203 كيلومترات مربعة تضم المحيط البحري وتسع جزر رئيسية وهي الخرابة والحايوت والجبل الكبير والجبل الصغير والمملحة واللومية وقسمة والجون وأولاد الجون. وقد تم اعلانها كمحمية طبيعية بتاريخ 3/4/1996 بموجب مرسوم سلطاني رقم(23/96).
ويمكن الوصول إلى هذه الجزر عن طريق استخدام الزوارق من أي مكان على امتداد الساحل وهي تتميز بطبيعتها البكر ومناظرها الجميلة الخلابة تؤهلها لأن تكون متحفا للطبيعة.وتعتبر جزر الديمانيات منطقة حماية رائعة ذات أهمية وطنية وإقليمية فهي ذات تراث طبيعي غني وتعد مركزا إقليميا ودوليا هاما لتكاثر أعداد لا حصر لها من أنواع الطيور المهاجرة والمستوطنة حيث تعشش بها الطيور البحرية بكثافة عالية كما توجد بها المواقع الوحيدة المعروفة بتعشيش طيور العقاب النساري.ويوجد بالمحمية أنواع عديدة من المرجان وأسماك الشعاب المرجانية بألوانها الزاهية وتتيح هذه الشعاب المرجانية والمتنوعة ومحيط قاع البحر فرصا جيدة للاستمتاع بكنوز البحر ومياهه الدافئة.وتأوي إلى هذه الجزر للتعشيش ووضع البيض أعداد كبيرة من سلاحف الشرفاف مضيفة أهمية عالية لهذه المجموعة من الجزر كونها ملاذا لهذه الأنواع التي يتهددها خطر الانقراض بشدة كما تزورها السلاحف الخضراء صيفا للتعشيش.ويرتاد هذه الجزر والشواطئ المحيطة بها هواة الغوص كما يمارس فيها الصيادون المحليون مهنة الصيد.
الموارد الفيزيائية
تتكون الجزر من صخور جيرية وشعاب مرجانية عتيقة مازال المرجان فيها ظاهرا للعيان كما توجد بها تكوينات صخرية منحدرة في اتجاه البحر وتستمر إلى داخل المياه في انحدار شديد إلى أعماق تتراوح بين 20 إلى 25مترا. ومن الجنوب تحد الجزر جروف رملية ضحلة وواسعة كما يحدها نطاق مرجاني بارز.ونظرا لانفصال هذه المجموعة من الجزر عن الساحل وعن كل ما من شأنه أن يمس بتوازنها البيئي فقد أدى ذلك إلى احتفاظها بجمالها الأخاذ وطبيعتها البكر.
الموارد الاحيائية
تنتشر في المحمية الطيور البحرية التي تعشش الكثير منها على الجزر فبحلول الصيف يؤدي وجود آلاف الطيور البحرية إلى تحويل هذه الجزر إلى بانوراما رائعة من الطيور ويحتكر خطاف البحر الشامخ الأنف الشجيرات للتعشيش بينما تعشش أنواع أخرى من الخطاف على الأرض المكشوفة في حين تفضل الطيور الاستوائية الحمراء البطن المنحدرات الصخرية الشاهقة والبارزة بينما يعشش العقاب النساري خلال فصل الشتاء. وقد أدى خلو هذه الجزر من المفترسات مثل الثعالب والقطط والكلاب إلى أن تصبح من أهم مناطق تعشيش الطيور والسلاحف البحرية وأكثرها أمنا.يوجد بالمحمية 15 نوعا من النباتات البرية تتواجد بكثافة كبيرة في جزيرتي خرابة والجبل الكبير مما جعلهما من أهم مواطن تعشيش الطيور.
إدارة المحمية
أن الهدف العام من إقامة محمية جزر الديمانيات الطبيعية هو حماية النباتات والحيوانات المتنوعة والموارد المتعددة في البر والبحر وحماية شواطئ تعشيش السلاحف والمناطق الطبيعية الجميلة وحماية الشعاب المرجانية والطيور والغطاء النباتي وتكريس السياحة البيئية.وفي نفس الوقت العمل على إدارتها واستثمار مواردها بطرق مستدامة كما أن من أهداف الإدارة إتاحة الفرصة لتعشيش أكبر عدد من السلاحف والطيور بالمحمية وتوفير حماية خاصة لمناطق الشعاب المرجانية القيمة والمعرضة للتهديد. ذلك بالإضافة إلى تشجيع وتسهيل البحوث العلمية والميدانية وتنظيم السياحة.
إرشادات للزوار
هناك عدة إرشادات من الواجب اتباعها من قبل الزوار عند الدخول إلى المحمية من بينها ضرورة الحصول على تصريح كتابي صادر من وزارة البيئة والشؤون المناخية وبالإمكان التخييم على جزيرتي الجبل الكبير والجون فقط. كما لا يمكن إشعال النار في غير الأماكن الثابتة أو المتحركة المخصصة للشواء فضلا عن عدم إمكانية جمع المرجان أو الأحياء البحرية الأخرى أو الإضرار بها.ومن بين الارشادات عدم الاضرار بالسلاحف المعششة أو إزعاجها بلمسها أو الاقتراب منها أثناء تحركها على الشاطئ أو لمس بيضها أو تحريكه أو جمعه وكذلك الحال بالنسبة للطيور المعششة. ويحظر قطع الأشجار أو الأعشاب من المحمية ويمنع إحضار القطط أو الكلاب أو أية حيوانات أخرى أو نباتات أو بذور الى هذه الجزر. واخيرا يمنع إشعال الأنوار والنار بعد الساعة التاسعة مساء أو رمي القمامة والفضلات في غير الأماكن المخصصة لها.
منشور في جريدة عمان
No comments:
Post a Comment