زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
ظلت القيادة الإيرانية تتطلع إلى زيارة جلالة السلطان المعظم لإيران منذ فترة طويلة ، وأذكر أن الرئيس الإيراني السابق د. محمد خاتمي قال لسمو السيد فهد بن محمود نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء أثناء استقباله والوفد المرافق له في طهران عام 2000 في اللحظات الأولى التي يسمح فيها للإعلاميين والمصورين بالتقاط الصور التذكارية قال : ( إنني أتطلع إلى زيارة جلالة السلطان المعظم لإيران وإني أشبّه السلطان قابوس بشاعر إيران الكبير حافظ الشيرازي فهو شاعر كبير طبّقت شهرته الآفاق ومع ذلك لم يسافر إلا نادرا ، وكذلك السلطان قابوس فهو مشهور بالحكمة ولكن زياراته للخارج قليلة وإني أتطلع أن أراه هنا في طهران ) ، لذا فإن زيارة جلالة السلطان المعظم لإيران تكتسب أهمية كبرى في ظل توقيتها وفي ظل تطلع الإيرانيين إليها وإذا كانت الزيارة تتم في وقت صعب والتوترات في كل مكان في المنطقة فإنها تأتي في إطار العلاقات الثنائية الممتازة وعلاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل وفي ظل الصداقة القائمة بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية وتأتي تأكيدا على ثوابت السياسة العمانية القائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير
وبهذه الزيارة تكون منظومة زيارة دول الجوار قد اكتملت حيث قام جلالته حفظه الله من قبل بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية وكذلك الهند وباكستان ، ومن هنا فإن أبرز ملامح وأبعاد هذه الزيارة هي تحسين وتعزيز الروابط الثنائية والتفاهم وعلاقات حسن الجوار بما يخدم صالح البلدين والشعبين بل والمنطقة كلها وهي المنطقة التي تشهد الآن بعض التوترات مما يستدعي جهودا لتحقيق الاستقرار فيها ، ففي الشمال هناك حرب تصريحات بين الكويت والعراق على خلفية التعويضات المالية ورسم الحدود ، وفي الجنوب هناك بعض القلاقل في اليمن وفي الشرق الوضع متأزم في باكستان ، أما في الشمال فهناك تهديدات إسرائيلية بضرب إيران وهذا كله يحتم العمل على إبعاد الخطرعن المنطقة ويؤكد على أهمية التواصل بين دول المنطقة كلها وليس بين السلطنة وإيران فقط ، وهذا ما تؤكده السلطنة دائما بإيمانها أن القضايا العالمية يمكن معالجتها بنجاح في ظروف من الاستقرار والسلام والأمن وحكم القانون واحترام العدالة وعلى أساس التعايش السلمي وروح التعاون والاحترام المتبادل والتفاهم على أن هناك نقطة مهمة سبق لي وأن أشرت إليها في مقالين سابقين في جريدة الشبيبة هي أن العلاقات العمانية الإيرانية هي علاقات تاريخية ومتينة وليست مبنية ضد أحد الأطراف كما أشارت إلى ذلك بعض وسائل الإعلام الغربية التي نوهت خطأ أن السلطنة قد انضمت إلى المحور القطري الإيراني السوري ضد الدول الخليجية أو بعض الدول العربية
فالسلطنة تتمتع بعلاقات ممتازة مع جميع دول الجوار ومع جميع الدول في الشرق والغرب بل إنها كانت السباقة في الدعوة إلى إنشاء تكتل إقليمي يحافظ على استقرار دول المنطقة ويبعدها عن التوترات وذلك عندما افتتح جلالة السلطان المعظم اجتماع وزراء خارجية دول الخليج العربية وإيران هنا في مسقط قبل سنوات من إنشاء مجلس التعاون الخليجي ودعا إلى العمل الجاد للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة ، والسلطنة على استعداد للعمل بأية طريقة ممكنة لمساعدة جميع أطراف المنطقة وذلك من منطلق قناعتها بأن السياسة ينبغي أن تخدم الإنسانية بصرف النظر عن الفوارق الثقافية أو العرقية أو المذهبية لأن التنوع بين الأمم والشعوب يجب أن ينظر إليه بالترحيب والاحتفاء وكنعصر من عناصرالقوة والمنعة وفرصة للتعاون وليس التنافر والبغضاء
وهناك نقاط مضيئة في العلاقات العمانية الإيرانية عندما قال معالي يوسف بن علوي بن عبد الله للزميل محمد بن علي البلوشي في حديث نشرته الشبيبة يوم السبت 23/5/2009 إن سياستنا واقعية ومستقرة وثابتة ولقد اخترنا أ لا نكون في المعمعة حتى نساعد على رؤية الأشياء وتقريبها ومساعدة الآخرين المتضررين لأنك عندما تكون في المعمعة لا تستطيع أن ترى الأشياء البعيدة وهذا ينطبق على علاقتنا مع إيران فلا نشعر بخوف منها - كما يشعر الآخرون - وليست لدينا مشكلة مع إيران أبدا فإيران بلد جار ودولة مسلمة ولا توجد لدينا مخاوف من التمدد المذهبي
وقال معاليه إن السلطنة لم تشارك في الاجتماع الذي عقد في نيويورك والتي دعت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة رايس لأنها كانت لديها رؤية فحواها أن تجمع مجلس الأمن ومجلس التعاون وتضع خططا ضد إيران ونحن رفضنا ذلك وهذه سياستنا واضحة
لقد احتفظت السلطنة بعلاقات جيدة مع الكل وأبقت على شعرة معاوية قائمة رغم الظروف التي مرت بها المنطقة ، هذا وبقدر أهمية زيارة جلالة السلطان المعظم التاريخية لإيران إلا أنه يجب وضعها في إطارها الحقيقي كما يجب من وسائل الإعلام الأجنبية أن تبتعد عن التهويل وإعطائها تفسيرات خاطئة أو إظهارها كأنها تحالف مع طرف ضد طرف آخر وهو ما يتعارض مع السياسة العمانية وما ترفضه السلطنة دائما وأبدا فالزيارة شأن عماني بحت كما أن العلاقة الممتازة بين عمان وإيران شأن عماني بحت أيضا ، ونأمل أن تكون الزيارة فاتحة خير لزيارات أخرى قادمة يقوم بها الأشقاء لإيران ويقوم المسؤولون الإيرانيون بزيارات للمنطقة وذلك من أجل خير الجميع
No comments:
Post a Comment