زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
" 1 "
تشير الحسابات الفلكية العمانية إلى أن القمر سينزل في محافظة مسقط اليوم عند الساعة 5,40 دقيقة وتغرب الشمس عند الساعة 5,21 أي أن القمر سينزل بعد الغروب بحوالي 19 دقيقة وسيكون من الصعب رؤية الهلال من مسقط ومن الجزء الشمالي للسلطنة ولكن من الممكن رؤيته في الجزء الجنوبي من السلطنة إذا لم تكن هناك سحب لأن المعمول به في السلطنة هو المطابقة بين الحسابات الفلكية والرؤية الشرعية وعلى ضوء ذلك من المؤمل أن تكون غرة شهرة ذي الحجة غدا الأربعاء بإذن الله تعالى ويكون يوم عيد الأضحى بإذنه يوم الجمعة 27/11/2009 وتتطابق الحسابات الفلكية العمانية مع حسابات موقع المشروع الإسلامي لرصد الأهلة في دبي التي تبين أن يوم غد الأربعاء سيوافق أول أيام شهر ذي الحجة في معظم دول العالم الإسلامي ، حيث ستكون رؤية الهلال ممكنة في أجزاء من العالم الإسلامي عن طريق التلسكوب في الأجزاء الوسطى من القارة الإفريقية وفي جنوب غرب الجزيرة العربية وجنوب شرق آسيا وفي أجزاء من قارة أمريكا الشمالية ، وبالعين المجردة ولكن بصعوبة في مناطق أقصى جنوب القارة الإفريقية وبالعين المجردة بسهولة في قارة أمريكا الجنوبية ، في حين أنه من غير الممكن رؤية الهلال لا بالعين المجردة ولا بالتلسكوب في معظم قارة آسيا وشمال أفريقيا
ويقول بيان المشروع الإسلامي لرصد الأهلة بما أن هناك إمكانية لرؤية الهلال اليوم في أجزاء من العالم الإسلامي فمن المتوقع أن تبدأ غالبية الدول الإسلامية شهر ذي الحجة غدا ، أما بالنسبة للدول التي تشترط رؤية الهلال من داخل أراضيها ولا تعتمد على إعلان دول أخرى مثل السلطنة وأندونيسيا وماليزيا والهند وتركيا وبنجلاديش وإيران وباكستان والمملكة المغربية والسنغال فإن رؤية الهلال في بعض هذه الدول غير ممكنة اليوم بأية وسيلة فمن المتوقع أن تبدأ بعض هذه الدول شهر ذي الحجة بعد غد الخميس ليكون بذلك يوم السبت 28 نوفمبر هو أول أيام عيد الأضحى المبارك في هذه الدول ويشير بيان المشروع الإسلامي لرصد الأهلة أن رؤية الهلال اليوم ستكون غير ممكنة في كل من أبوظبي ومسقط ومكة المكرمة وعمّان والقاهرة والرباط حتى باستخدام التلسكوب ، أما في مدينة صنعاء فيمكن رؤية الهلال باستخدام التلسكوب في حالة نقاء الغلاف الجوي التام فقط
" 2 "
هناك بعض التساؤلات أثيرت العام الماضي حول اختلاف المطالع في شهر ذي الحجة وتساءل الكثيرون هل يصومون يوم عرفة حسب الوقفة في أم القرى أو حسب الدولة التي يعيشون فيها ؟ وبما أني أتحاشى تناول الموضوعات الفقهية حتى لا أقع في المحظور فإني أنقل رأي أهل العلم في ذلك ، فالشيخ ابن عثيمين رحمه الله يقول في ( مجموعة الفتاوى 20 ) إن الهلال يختلف باختلاف المطالع فمثلا إذا كان الهلال قد رؤي في مكة المكرمة وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع ، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم وكان يوم عرفة عندهم اليوم العاشر فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم لأنه يوم عيد ، وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة ، وهذا - حسب فتواه - هو القول الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا ) ، وكما أن الناس بالإجماع يعتبرون طلوع الفجر وغروب الشمس في كل منطقة بحسبها فكذلك التوقيت الشهري يكون كالتوقيت اليومي
وفي فتوى أخرى سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من بعض موظفي السفارة السعودية في إحدى الدول عن صيام شهر رمضان وصيام عرفة إذ انقسم الإخوة هناك إلى ثلاثة أقسام : قسم يصوم مع المملكة ويفطر مع المملكة ، وقسم يصوم مع الدولة التي هم فيها ويفطرون معهم ، وقسم يصوم مع الدولة التي يقيمون فيها رمضان أما يوم عرفة فإنهم يصومون مع المملكة فأفادهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأن يصوموا ويفطروا كما يصوم ويفطر أهل البلد الذي هم فيه سواء وافق بلدهم الأصلي أو خالفه وكذلك يوم عرفة فعليهم أن يتبعوا البلد الذي يقيمون فيه
وما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قاله أيضا د. هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة عندما سئل عن صيام يوم عرفة وهل لا يرتبط بالمكان بالوقوف في صعيد عرفات وهل يحصل المسلم في البلاد التي اختلفت مطالعها مع مطالع أم القرى أجر صوم عرفة وإن كان يوافق العيد في السعودية ؟ حيث قال : إذا كان المسلم في بلد يعمل بالرؤية الشرعية ويعتمدها طريقا لإثبات التاريخ فإن المسلم فيه يعمل بمقتضى ما أثبته المختصون عنده ويصوم عرفة يوم التاسع ولو كان يوافق في مكة المكرمة اليوم الثامن أو العاشر أما في المناسك فإنه يعمل بالرؤية حسب ثبوتها في مكة
إن ما أشار إليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ود. هاني بن عبد الله الجبير هو ما ذهب إليه أيضا سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة في برنامج ( ويسألونك عن الأهلة ) الذي إذيع العام الماضي عندما سأله د. كهلان الخروصي عن الصوم في هذا اليوم فكان رأيه أن العبرة بيوم التاسع وليس بالوقفة لأن أثناء وقوف الحجاج في عرفة يكون الوقت ليلا في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية كأستراليا في أقصى الشرق وأمريكا وكندا في أقصى الغرب فلا يمكن أن يصوم أحد في الليل
إذن ففي الأمر سعة وهذا من فضل الله تعالى لعباده فلا معنى لأي تعصب أو تشنج أو اختلاف يؤدي إلى الفرقة بين المسلمين ، ولذا حرصت جدا أن أنقل فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لوزنه وثقله وكذلك فتوى د. هاني الجبير حتى يطمئن من به شك لأن الأمة الإسلامية تعاني من التمزق رغم أن هناك ما يوحد بينها وتبحث عما يثير الفتن وتدع ما يدعو إلى الوحدة ، وفي مواقع الأنترنت كثير من الفتاوى مثل هذه التي تقر الاختلاف في المطالع وتؤيد صوم يوم التاسع حسب كل بلد .
وبما أن في الأمر سعة فيمكن لأي إنسان أن يصوم التاسع حسب السعودية ويصوم التاسع حسب البلد الذي يقيم فيه طالما لم يصادف ذلك اليوم يوم عيد ، والرأي رأي فقهي أعجبك خذ به وإن لم يعجبك لا تأخذ به بكل هدوء كما ردد ذلك كثيرا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى رحمة واسعة وفي كل الأحوال فإن صوم هذه الأيام من السنة
أما عن أهل البلد الواحد المتحد المطالع فيلزمهم أن يتحدوا في الصوم والعيد إذا رأوا الهلال أو أتموا الشهر فيصوموا أو يضحّوا في يوم واحد ، ولا يصح – حسب فتوى في موقع إسلام ويب مركز الفتاوى – أن يوافقوا أهل بلد آخر ولا يصح أن يختلفوا ويتفرقوا في هذه الحالة
" 3 "
إن المشروع الإسلامي لرصد الأهلة يقدم خدمة للمسلمين حول نتائج تحري هلال شهر ذي الحجة في دول العالم المختلفة من خلال موقع المشروع على شبكة الإنترنت وأنشيء المشروع عام 1998م ويضم حاليا أكثر من 400 عضو من علماء ومهتمين برصد الأهلة والتقاويم ويشجع المشروع المهتمين في مختلف دول العالم على تحري الهلال وإرسال نتائج رصدهم إلى المشروع عن طريق موقعه على الشبكة خدمة للمسلمين ويمكن للمهتمين أن يرجعوا إليه ويمكن لمن يبحث عن فتاوى الصيام يوم عرفة أن يرجعوا إلى المواقع المعتبرة وهي ولله الحمد كثيرة الآن
منشور في جريدة الشبيبة في 17 نوفمبر 2009م
No comments:
Post a Comment