سلطنة عمان هي احدى الدول ذات الموقع الاستراتيجي المتميز والمنفرد بذاته، فهي تقع في الركن الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية. وتطل السلطنة على ساحل يمتد إلى أكثر من 3165 كم يبدأ ببحر العرب مرورا ببحر عمان وحتي مضيق هرمز شمالا . وتحتفل لمنظمةالعالمية للهيدوغرافيا باليوم العالمي للهيديوغرافي في 21 يونيو من كل عام. وتختار المنظمة موضوعا خاصا تحتفل فية كل عام ويسلط الضوء على جوانب مساهمات المنظمة العالمية للهيدرورافيا في خدمة المجنمع العلمي وللعالم الحالي تم اختيار موضوع " الخدمات الهيدروغرافية – العنصر الاساسي للتجارة البحرية" تعتبر التجارة البحرية مهمة لغاية بالنسبة لمعظم دول العالم ، حيث تمثل الهيدوغرافيا عنصرا هاما لتوفير الخرائط الملاحية التى تضمن استمرارها.
إن التطور الملحوظ في المناطق الساحلية من المشاريع العملاقة الحالية والمستقبلية تعتبر ركيزة أساسية للإقتصاد الوطني خصوصاً في ظل التوجه العام لتنويع مصادر الدخل القومي في سلطنة عمان، وبالرغم من إنفاق مئات الملايين من الريالات في هذه المشاريع، إلا أن إعتبارات السلامة الملاحية في المناطق البحرية العمانية (البحر الإقليمي ، المنطقة المتاخمة، والمنطقة الإقتصادية الخالصة والجرف القاري) والمتمثلة في الخدمات الهيدروغرافية والمتلخصة مبدئياً في تجميع البيانات الهيدروغرافية وتمثيلها بيانياً لأغراض السلامة الملاحية والتخطيط، لم تحظى بالقدر المناسب من الإهتمام بالرغم من أهميتها القصوى ومساهمتها الفعالة في الكثير من هذه المشاريع.
ومن هذا الموقع تشرف السلطنة على أقدم وأهم الطرق التجارية البحرية في العالم وهو مضيق هرمز الذي يقع عند مدخل الخليج العربي بين عُمان و إيران ، ويربط الخليج العربي مع بحر عُمان وبحر العرب أن توافر البيانات الهيدروغرافية وعملية تحديثها وخصوصاً في المناطق ذات الكثافة المرورية كالمضايق، ومناطق الفصل المروري هو عامل يساعد على الملاحة الآمنة في تلك المناطق ويؤكد على مقدرة الدولة الساحلية في تقديم خدمات هيدروغرافية مميزة تعزز من مكانتها في المجتمع الدولي. أن مضيق هرمز (المضيق الإستراتيجي) هو أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن إذ تعبر فيه 140 سفينة يوميا بمعدل سفينة واحدة كل 10 دقائق تقريباً، حيث أجمع المحللون والخبراء الإقتصاديون إنه قد يتسبب بكارثة في أسواق الطاقة العالمية ويوجه ضربة لإقتصاد المنطقة والاقتصاد العالمي بأكمله أو بكارثة بيئية ليس في حالة وجود خلل في السلامة الأمنية له فقط ولكنها تتسع كذلك لتشمل عدم ضمان أقصى درجات السلامة الملاحية لمستخدمي هذا المضيق.
ونظرا لموقع المضيق الإستراتيجي، فإنه ظل عبر التاريخ محلا لأطماع وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يلعب دوراً دوليا وإقليميا هاما في التجارة الدولية.
لقد كان الموقع الجغرافي العام الذي تشغله عمان أعظم الأثر فيما أحرزه الملاحون العمانيون منذ أقدم العصور التاريخية من شهرة بحرية ، ذلك أن هذا الموقع ما بين مخرج الخليج العربي ومدخل بحر الهند الأعظم على الطريق التجاري الرئيسي المؤدي غرباً إلى السواحل الشرقية لأفريقيا وشرقاً إلى الهند وماليزيا والصين ونظراً لصعوبة الإتصال بالبر بالمناطق المجاورة كالبحرين وحضرموت لذا فقد تطلع العمانيون نحو البحر . قد يبدو واضحا أن أقول أننا اليوم نعيش في عالم يتجه نحو العولمة ، ومن المؤكد أن التجارة الدولية البحرية بين جميع الدول والمناطق في العالم تعتبر شيئا جديدا. وتاريخ العالم يعتبر تاريخا من الاستكشافات والتجارة عن طريق البحر والذي مثله العمانيين و،الفينيقيين ، و المصريين واليونانيين والقرطاجيين والصينيين ، والفايكنز والأسبان، والبرتغاليين، والإيطاليين ، والبريطانيين، والفرنسيين ، والهولنديين. وقد سمحت التجارة البحرية الدولية الوصول لمجموعة متنوعة وضخمة من الموارد التي يمكن الحصول عليها على نطاق واسع، وقد مكن هذا التوزيع الواسع للثروة إلى زيادة وتسريع تنمية العديد من دول العالم.
وبما أن أكثر من 90% من تجارة العالم و60% من الاستهلاك العالمي للنفط ينقل سنويا عبر الطرق البحرية؛ اذا التجارة البحرية مهمة جدا ليس فقط لاقتصاد الـ 154 دولة ذات السواحل، وإنما تشكل أيضا أهمية للدول الواقعة في عمق اليابسة . عملية التنمية والتوجه المستمر للرفاهية من قبل الدول تعتمد إلى حد كبير على النقل ، خصوصا النقل البحري الذي يواجه عوائق أقل؛ فالنقل باستخدام السفن يعتبر طريقة فعالة لخفض تكلفة النقل خصوصا للمسافات البعيدة، وستتأثر الدول بشدة إذا لم تتوفر للسفن حرية النقل واستخدام الموانئ والمرافق بأمان.
الهيدروغرافيا لها الدور الواضح في دعم التجارة البحرية وتتمثل في ثلاثة محاور أساسية وهي:
البيانات والمعلومات الهيدروغرافية:
البيانات والمعلومات الهيدروغرافية لابد أن تكون دقيقة لإنتاج وتحديث الخرائط والمنشورات الملاحية وآلية جمع هذه البيانات تتم من خلال سفن مهيئة خصيصا ومعدة بأحدث التقنيات لعمليات المسح البحري ، وتتماشى مع المعايير العالمية التي وضعتها المنظمة العالمية للهيدورغرافيا، وبالطبع فإن دقة البيانات مهمة للغاية وذلك لتفادي وقوع الحوادث ولسلامة التجارة البحرية، حيث لا تستطيع أي سفينة أن تقترب من أي منشئة بحرية إلا بتوافر البيانات الهيدروغرافية التفصيلة وبشكل دقيق جدا.
الخرائط الملاحية والمنشورات:
لا يمكن لأي سفينة أن تبحر أو تقترب من أي منشئة بحرية سواء أكان ميناء أو غيره إلا بتوافر الخرائط البحرية التفصيلية المحدثة عن الموقع وذلك لأهميتها القصوى لتوفير الملاحة الآمنة. وبالطبع فإن المصداقية مهمة جدا وذلك لدرء الأخطار المحدقة ولكي يكون البحار مطلعا على المتغيرات لكي يتمكن من اتخاذ القرار المناسب لسلامة السفينة وطاقمها. والمنظمة العالمية للهيدروغرافيا لعبت دورا بارزا في في وضع معايير موحدة على مستوى عالمي لإنتاج الخرائط البحرية. أصبحت عمليات الشحن في العالم تستخدم بشكل متزايد الخرائط الملاحية الالكترونية التي تنتجها المكاتب الهيدروغرافية الوطنية وفق المعايير الصارمة التي وضعتها المنظمة العالمية للهيدروغرافيا ، وهذه التقنيات توفر الكفاءة والفعالية والسلامة للرحلات البحرية ، وهذه بالتالي يساعد على زيادة وتحسين التجارة البحرية لهذا الصدد تم إنشاء مكتب الهيدروغرافي الوطني العماني ليتواكب مع الاحتياجات الضرورية لتنمية التجارة البحرية في اصدار الخرائط والمنشورات للموانئ الرئيسية وغيرها
نشر معلومات السلامة البحرية:
قامت المنظمة العالمية للهيدروغرافيا بإيجاد تعاون مع المنظمة البحرية الدولية لبث المعلومات العاجلة للبحارة في أي جزء من العالم وهذا يجعل التنقل أكثر أمنا ويجعل التجارة البحرية أكثر فعالية.
فضلا عن برامج المنظمة العالمية للهيدروغرافيا الواسعة لوضع المعايير والتعاون التقني، وأيضا تدعم المنظمة التدريب وبرامج بناء القدرات في الدول النامية ، وذلك لجعل هذه الدول في وضع أفضل لتقديم خدمات الهيدروغرافيا وبالتالي تحقيق أكبر قدر من الفوائد على الصعيد الوطني.
إن الهيدروغرافيا وتوفير الخدمات الملاحية للسفن تسهم في تجنب الحوادث التي ليست فقط نتائج غير مرغوب فيها في حد ذاتها ، ولكن يكون لها تأثير سلبي على سلسلة النقل التجاري الذي يقع في قلب الاقتصاد العالمي. لا يهم الموقع حول العالم فسيكون هناك سلعة تم أو سيتم نقلها عن طريق البحر ، سواء كانت على شكل مواد خام أو منتج نهائي.
المنظمة العالمية للهيدروغرافيا والمكاتب الهيدروغرافية التابعة للدول الأعضاء تعد شرطا أساسيا لضمان تجارة بحرية أمنة في جميع أنحاء العالم ولهذا فالتجارة ورفاهية الأمم وشعوبها تعتمد بشكل كبير على الهيدروغرافيا.
الهيدروغرافيا في سلطنة عمان:
في العام 1992م صدر القرار الوزاري رقم 200/92 بتشكيل الهيئة الوطنية للمسح الهيدروغرافي والتي لم يكتب لها التفعيل أبداً، وفي أكتوبر من نفس العام إنضمت سلطنة عمان لمنظمة الهيدروغرافيا الدولية (IHO) ، ووقعت كذلك في العام 1998م على إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) ولمعاهدة سلامة الأرواح في البحر (SOLAS) وتلاها عضويتها في المنظمة البحرية الدولية (IMO) وبذلك فإن حكومة السلطنة مسئوولة أمام المجتمع الدولي عن تقديم خدمات هيدروغرافية وتوفير أقصى درجات السلامة الملاحية في المياه العمانية وفقاً للمستويات والمواصفات التي تحددها هذه المنظمات.
لقد قامت دائرة الهيدروغرافيا بالبحرية السلطانية العمانية خلال الفترة الماضية بتزويد الكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية بالعديد من الخدمات الهيدروغرافية بوضع الخطط اللازمة تنفيذ العمليات الخاصة بتجميع البيانات الهيدروغرافية وتوفيرها وذلك إيفاءاً للمتطلبات الوطنية من هذه البيانات. إن دائرة الهيدروغرافيا بأقسامها المختلفة تعتبر متقدمة إذا ماقورنت بمثيلاتها في المنطقة.
No comments:
Post a Comment